خواطر تربوية بعنوان تربويات - بقلم الأستاذ ياسر الحزيمي .


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقدم لك خواطر تربوية بعنوان تربويات كتبها الأستاذ : ياسر بدر الحزيمي ، وهي خاصة بتربية الأبناء .

أترك لك المشاهدة والقراءة لهذه الخواطر :


.
تكمن مشكلة المراهق في تباين نظرتنا ونظرته لنفسه فهو طفل في عين غيره ورجل في عين نفسه فهل اقتربنا منه اكثر ونظرنا إليه بمنظار نفسه لنستطيع أن نتعامل معه ويستطيع هو أن يتعايش معنا .

ينبغي ألا نتذمر من أسئلة الطفل الكثيرة والمتكررة لأنها أمر ضروري لنموه العقلي والمعرفي ، وألا نتهرب من الإجابة عليها حتى لا يلجأ الطفل إلى مصادر غير موثوقة للإجابة عليها ، وألا نعطيه إجابة غير صحيحة حتى لا تنبني لديه مفاهيم مغلوطة وحتى لا يفقد الثقة بنا عند اكتشافه للحقيقة .
.........
هناك فرق بين من ينظر إلى التعليم على أنه تحضير وشرح أو جمع وطرح وبين من ينظر إليه على أنه امتداد لمهنة الأنبياء وسبيل المصلحين العظام وحين يستشعر المعلم ذلك قبيل دخوله للفصل فإن كل جوارحه ستعينه ليكون كما يجب أن يكون .

لقد تداخلت المفاهيم عند الكثير من الأسر حتى تحولت التربية إلى مجرد تغذية للطفل فلا توجيه يُقدم ولا سلوك يُقوم ولا مبادئ تُشرع ولا قِيم تزرع ، فليست التربية مجرد لقمة توضع في فمه أو لعبه تقلب في يده ولكنها قيمة تزرع في عقله وتسقى بماء الإصلاح لتنبت كأحسن الشجر فيستظل بظلها بقية حياته .

لا عجب أن يصاب الطالب بالحيرة والعجز عن اتخاذ القرار عند إقباله على الجامعة فهو لم يتعلم فن اتخاذ القرار طيلة مشواره التعليمي فهو يدرس في المكان الذي حددته المدرسة وبالطريقة التي أرادها المعلم ، ويأكل الأصناف التي تُقرها أنظمة المدرسة بل ولا يقضي حاجته إلا عند إرادة المعلم ، فأي بيئة يمكن لمهارة اتخاذ القرار أن تنمو فيها .

لا بد أن يكون حديث المعلم أعمق تأثيراً وعرضه اكثر تشويقاً ووسائله أكثر تنوعاً ليتمكن من إيصال رسالته وإلا لن تكون له حاجة في ظل تعدد وسائل التعلم المسموع والمرئي والمقروء وسهولة الوصول إليها .

إن اسلوب التأنيب المباشر لأبنائنا وطلابنا والعتاب الجارح لهم ولَّد شخصيات إسقاطية تتقن فن التبرير ومهارات التمثيل وتجنح إلى الكذب للتخلص من المآزق ، فما أجمل الأسلوب المحمدي ( ما بال أقوام ) لأن التصريح المباشر قد يقطع خط الرجعة أمام المخطئ .

إن الصراخ الدائم في وجوه الأبناء داء يفتك بالبيئة الحوارية داخل الأسرة وبلد إحساس الأبناء تجاه الصراخات المتكررة والمعتادة تماماً كما يتبلد إحساسك وتنعدم استجابتك لمنبه السرعة في سيارتك .

لا بد أن يكون الهدف من ضرب الأبناء ( إن لزم الأمر ) علاجاً لتصرفاتهم وتأديباً لسلوكهم لا علاجاً لانفعالاتنا وتفريغاً لشحنات غضبنا فنحن نضرب لنعلم لا لننتقم .

إن إلزام الابن بمهام وأعمال تفوق قدرته وتتجاوز استطاعته تجعل تَعرضه للإخفاق في عمله امراً واردا مما يشعره بمحدودية قدرته وقلة حيلته ومن ثم يدخل في نفق الإحباط المظلم فلايبصر سوى عجزه ولا يرى غير فشله فيعتاد التوقف عند أول عثرة والتراجع عند أدنى عقبة .

إن الطفل الأول للأسرة هو أكثر الأبناء تأثراً بوالديه لعدم توفر نماذج أخرى يمكن له محاكاتها كما قد يكون أكثر عرضة للشعور بنقص الثقة لأنه لا يستطيع فعل كثير من الأشياء التي يستطيعها والداه مما يشعره بعجزه ولعل دمجه مع أطفال في سنه وتمكنه من اللعب بينهم والتفاعل معهم ورؤية عجزهم عن فعل أشياء يعجز عنها هو كذلك يعطيه نوع من التوازن النفسي والنمور العقلي .

إن المبالغة في الثناء أو الإفراط في المدح لأبنائنا وطلابنا عند فعلهم لأمور بسيطة تفقد التحفيز قيمته وتمحو أثره وتوحي بعدم مصداقية المادح وتقلل ثقة الممدوح في نفسه إذ تخيل إليه أنه ضعيف القدرات لدرجة أنه يُمدح على أي أمر يفعله لذا فالمتوسط في الإطراء مطلوب والتنوع في عبارات الثناء محبوب ، وكن مادحاً ولا تكن مداحا .

ينبغي أن نعبر مشاعرنا لأطفالنا بشكل محسوس لأن الابن في مرحلة الطفولة لا يَعي المفاهيم المجردة كعبارة أحبك وأحسنت لذا من الجيد أن نترجم مشاعرنا بلغة يفهمها الطفل كتقبيله واحتضانه وإعطائه والابتسامة في وجهه والتصفيق له .

إن التدليل الزائد للأبناء هو الجسر المؤدي إلى فشلهم لأنهم اعتادوا على النجاح بالاتكاء على آبائهم الذين يقومون بعمل كل شيء نيابة عنهم وما إن يدخلون إلى معترك الحياة الحقيقية حيث لا وجود للمساندة ولا شيء سوى سوق العمل الجاد حتى يصدموا بحياة لم يعيشوها ويصطدموا بعقبات لم يعتادوها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شكراً لمتابعتك .

محمد الشريف

محمد الشريف.. في موقعي تجد مواضيع منوعة و مفيده في جميع المجالات .

1 تعليقات

إرسال تعليق
أحدث أقدم